٢٨

أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٥) فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨)

هذا تقرير بمعنى التعجيب، والمعنى: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ كالمنعمين في الجنة.

واختلف المتأولون في قوله: يَتَّقِي بِوَجْهِهِ فقال مجاهد: يخر على وجهه في النار. وقالت فرقة:

ذلك لما روي أن الكافر يلقى في النار مكتوفا مربوطة يداه إلى رجليه مع عنقه ويكب على وجهه، فليس له شيء يتقي به إلا الوجه. وقالت فرقة: المعنى صفة كثرة ما ينالهم من العذاب، وذلك أنه يتقيه بجميع جوارجه ولا يزال العذاب يتزيد حتى يتقيه بوجهه الذي هو أشرف جوارجه وفيه حواسه، فإذا بلغ به العذاب إلى هذه الغاية ظهر أنه لا متجاوز بعدها.

قال القاضي أبو محمد: وهذا المعنى عندي أبين بلاغة، وفي هذا المضمار يجري قول الشاعر:

[الكامل]

يلقى السيوف بوجهه وبنحره ... ويقيم هامته مقام المغفر

لأنه إنما أراد عظيم جرأته عليها فهو يلقاها بكل محن وبكل شيء منه حتى بوجهه وبنحره.

وقوله تعالى: ذُوقُوا عبارة عن باشروا، وهنا محذوف تقديره: جزاء ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ، ثم مثل لقريش بالأمم السالفة، ثم أخبر بما نال تلك الأمم من كونها في الدنيا أحاديث ملعنة، ولا خزي أعظم من هذا مع ما نال نفوسهم من الألم والذل والكرب، ثم أخبر أن ما أعد لهم من عذاب الآخرة أكبر من هذا كله الذي كان في الدنيا.

وقوله: قُرْآناً قالت فرقة: هو نصب على الحال، وقالت فرقة: هو نصب على المصدر.

و: عَرَبِيًّا حال، وقالت فرقة: نصب على التوطئة للحال، والحال قوله: عَرَبِيًّا ونفى عنه العوج لأنه لا اختلاف فيه ولا تناقض ولا مغمز بوجه.

واختلفت عبارة المفسرين، فقال عثمان بن عفان: المعنى غير متضاد، قال ابن عباس: غير مختلف.

وقرأ مجاهد: غير ذي لبس. وقال السدي: غير مخلوق. وقال بكر المزني: غير ذي لحن. والعوج بكسر العين في الأمر والمعنى وبفتحها في الأشخاص.

قوله عز وجل:

﴿ ٢٨