|
٥ حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) فصلت: حم من: عسق، ولم يفعل ذلك ب كهيعص [مريم: ١] لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها. وقرأ الجمهور: «حم عسق» . وقرأ ابن مسعود وابن عباس: «حم سق» بسقوط عين، والأقوال في هذه كالأقوال في أوائل السور. وروى حذيفة في هذا حديثا مضمنه: أنه سيكون في هذه الأمة مدينتان يشقهما نهر بالمشرق، تهلك إحداهما ليلا ثم تصبح الأخرى سالمة، فيجتمع فيها جبابرة المدينتين متعجبين من سلامتها، فتهلك من الليلة القابلة، وأن حم معناه: حم هذه الأمر. وعين: معناه عدلا من الله. وسين: سيكون ذلك. وقاف: معناه يقع ذلك بهم. وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الأحرف التي في أوائل السور. والكاف في قوله: كَذلِكَ نعت لمصدر محذوف، والإشارة بذلك تختلف بحسب الأقوال في الحروف. وقرأ جمهور القراء: «يوحي» بالياء على إسناد الفعل إلى الله تعالى، وهي قراءة الحسن والأعرج وأبي جعفر والجحدري وعيسى وطلحة والأعمش. وقرأ أبو حيوة والأعشى عن أبي بكر عن عاصم: «نوحي» : بنون العظمة، ويكون قوله: اللَّهُ ابتداء وخبره: الْعَزِيزُ ويحتمل أن يكون خبره: لَهُ ما فِي السَّماواتِ. وقرأ ابن كثير وحده: «يوحى» بالياء وفتح الحاء على بناء الفعل للمفعول، وهي قراءة مجاهد، والتقدير: يوحى إليك القرآن يوحيه الله، وكما قال الشاعر: ليبك يزيد ضارع لخصومة ومه قوله تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ [النور: ٣٦] . وقوله تعالى: وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ يريد من الأنبياء الذين نزلت عليهم الكتب. وقوله تعالى: لَهُ ما فِي السَّماواتِ أي الملك والخلق والاختراع. و: الْعَلِيُّ من علو القدر والسلطان. و: الْعَظِيمُ كذلك، وليس بعلو مسافة ولا عظم جرم، تعالى الله عن ذلك وقرأ نافع والكسائي: «يكاد» بالياء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة وأبو عمرو وعاصم: «تكاد» بالتاء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي ونافع وابن عباس وأبو جعفر وشيبة وقتادة: «يتفطرون» من التفطر، وهو مطاوع فطرت. وقرأ أبو عمرو وعاصم والحسن والأعرج وأبو رجاء والجحدري: «ينفطرون» من الإفطار وهو مطاوع فطر، والمعنى فيهما: يتصدعن ويتشققن من سرعة جريهن خضوعا وخشية من سلطان الله تعالى وتعظيما له وطاعة، وما وقع للمفسرين هنا من ذكر الثقل ونحوه مردود، لأن الله تعالى لا يوصف به. وقوله: مِنْ فَوْقِهِنَّ أي من أعلاهن. وقال الأخفش علي بن سليمان: الضمير للكفار. قال القاضي أبو محمد: المعنى من فوق الفرق والجماعات الملحدة التي من أجل أقوالها تكاد السماوات يتفطرن، فهذه الآية على هذا كالآية التي في: كهيعص [مريم: ١] . وقالت فرقة معناه: من فوق الأرضين، إذ قد جرى ذكر الأرض، وذكر الزجاج أنه قرىء «يتفطرن ممن فوقهن» . وقوله تعالى: يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ قيل معناه: يقولون سبحان الله، وقيل معناه: يصلون لربهم. وقوله تعالى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ قالت فرقة: هذا منسوخ بقوله تعالى: في آية أخرى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا [غافر: ٧] وهذا قول ضعيف، لأن النسخ في الإخبار لا يتصور. وقال السدي ما معناه: إن ظاهر الآية العموم ومعناها الخصوص في المؤمن، فكأنه قال: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ من المؤمنين، إذ الكفار عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وقالت فرقة: بل هي على عمومها، لكن استغفار الملائكة ليس بطلب غفران الله تعالى للكفرة على أن يبقوا كفرة، وإنما استغفارهم لهم بمعنى طلب الهداية التي تؤدي إلى الغفران لهم، وكأن الملائكة تقول: اللهم اهد أهل الأرض واغفر لهم. ويؤيد هذا التأويل تأكيده صفة الغفران والرحمة لنفسه بالاستفتاح، وذلك قوله: أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ أي لما كان الاستغفار لجميع من في الأرض يبعد أن يجاب، رجا عز وجل بأن استفتح الكلام تهيئة لنفس السامع فقال: أَلا إِنَّ اللَّهَ هو الذي يطلب هذا منه، إذ هذه أوصافه، وهو أهل المغفرة: قوله عز وجل: |
﴿ ٥ ﴾