١٧

مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥) وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٦) وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧)

لما تقرر في التي قبل هذه أن الله يجزي قوما بكسبهم ويعاقبهم بذنوبهم واجترامهم، أكد ذلك بقوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ.

وقوله: فَلِنَفْسِهِ هي لام الحظ، لأن الحظوظ والمحاب إنما يستعمل فيها اللام التي هي كلام الملك، تقول الأمور لزيد متأتية، وتستعمل في ضد ذلك على، فتقول: الأمور على فلان مستصعبة، وتقول: لزيد مال وعليه دين، وكذلك جاء العمل الصالح في هذه الآية باللام والإشارة ب «على» .

وقوله تعالى: ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ معناه إلى قضائه وحكمه، والْكِتابَ في قوله: آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هو التوراة. وَالْحُكْمَ هو السنة والفقه، فيقال إنه لم يتسع فقه الأحكام على لسان نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام: وَالنُّبُوَّةَ هي ما تكرر فيهم من الأنبياء.

وقوله تعالى: وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يعني المستلذات الحلال، وبهذين تتم النعمة ويحسن تعديدها، وهذه إشارة إلى المن والسلوى، وطيبات الشام بعد، إذ هي الأرض المباركة، وقد تقدم القول في معنى الطَّيِّباتِ، وتلخيص قول مالك والشافعي في ذلك.

وقوله تعالى: عَلَى الْعالَمِينَ يريد على عالم زمانهم. والبينات من الأمر: هو الوحي الذي فصلت لهم به الأمور.

ثم أوضح تعالى خطأهم وعظمه بقوله: فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وذلك أنهم لو اختلفوا اجتهادا في طلب صواب لكان لهم عذر في الاختلاف، وإنما اختلفوا بغيا وقد تبينوا الحقائق، ثم توعدهم تعالى بوقف أمرهم على قضائه بينهم يوم القيامة.

قوله عز وجل:

﴿ ١٧