|
٤١ فقيل له : ما معنى قوله : { وَإِيَّايَ فاتقون } [ ٤١ ] قال : أراد بذلك موضع علمه السابق فيهم ، أي لا تأمنوا المكر والاستدراج ، فتسكن قلوبكم إلى ملاحظة سلامتكم في الدنيا مع الإقامة على التقصير ، وإلى حلمي عنكم في المعاجلة لكم في نفس أمنكم واغتراركم وغفلتكم فتهلكوا . وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ( لو زاد في اليقين عيسى بن مريم لمشى على الهواء كما مشى على الماء ) ، وقد مشى نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم ليلة الإسراء على الهواء لقوة نور يقينه التي أعطاه اللّه تعالى من نوره زيادة نور إلى نور كان من اللّه تعالى . وقوله صلى اللّه عليه وسلم : ( لو ثبتت المعرفة على قلب داود صلوات اللّه عليه ولم يغفل ما عصى ) فلعمري أن المعرفة أدرجت في أوطانها لتجري عليه ما كان من علم اللّه سابقاً فيه ، فلا بد من إظهاره على أوصافه إذا كان على حتم لا يتغير العلم إلى غير ما علم العالم جل وعز ، فإنما ستر اللّه عزَّ وجلَّ في أوطان داود صلوات اللّه عليه نور اليقين الذي به يبصر عين اليقين وكليته ، ليتم حكم اللّه تعالى فيه ، ألا ترى أن العبد إنما ينظر إلى الحق بسبب لطيفة من الحق بوصولها إلى قلبه هي من أوصاف ذات ربه ليست بمكونة ولا مخلوقة ولا موصولة ولا مقطوعة ، وهي سر من سر إلى سر وغيب من غيب إلى غيب ، فباللّه اليقين ، والعبد موقن بسبب منه إليه على قدر ما قسم اللّه له من الموهبة وجملة سويداء قلبه . وللإيمان وطنان ، وهو ما سكن فلم يخرج ، ونور اليقين خطرات ، فإذا سكن واستقر صار إيماناً ، واليقين خطرات بعده ، فهو في المريد هكذا حاله أبداً . |
﴿ ٤١ ﴾