١٥٥ قوله : { إِنَّ الذين تَوَلَّوا مِنكُمْ يَوْمَ التقى الجمعان إِنَّمَا استزلهم الشيطان بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } [ ١٥٥ ] فسئل ما هذا الكسب؟ فقال : هو الإعجاب الذي كان منهم بكثرة عددهم يوم حنين ، وأخذهم العزة يوم بدر ، وكان لشرك الشيطان إياهم بعد مساكنة قلوبهم ورؤيتهم نفوسهم بما سولت لهم أنفسهم من الإعجاب ، فترك اللّه عصمتهم جزاءً لهم . وقد قال النبي صلى اللّه عليه وسلم حين سمع من أصحابه يوم حنين يقولون لن نؤتى من قلة : ( لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا اللّه العافية ) من تدبيركم إلى نفوسكم بحال ، دون الافتقار إلى اللّه عزَّ وجلَّ ، ألا ترى أن داود عليه السلام لما سأل ربه اللحوق بإبراهيم وإسماعيل وإسحاق فقال له : لست هناك يا داود . فقال : ولِمَ يا رب؟ فقال : لأن أولئك ابتليتهم فصبروا ولم يعرفوا الدنيا ولا عرفتهم وإنك عرفت الدنيا وعرفتك واتخذتها أهلاً . فقال داود عليه السلام : فأرني من عبادك من لو ابتليته صبر . فقال اللّه عزَّ وجلَّ : فإني مبتليك . فكان هو المبتدي في طلب البلاء للامتحان من اللّه تعالى ، يعني وذلك لعلم اللّه السابق في غيب مستور تفرد بمعرفته ، فأتاه إبليس في صورة حمامة ، وكان من قصته وقصة أوريا ابن حنان ما كان ، واللّه تعالى لم يعصمه من الهم والقصد والفعل ، وعصم يوسف من الفعل ولم يعصمه من الهم والقصد . |
﴿ ١٥٥ ﴾