٨١

قوله تعالى : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه } [ ٨١ ] فسئل : ما التوكل؟ فقال : التوكل طرح البدن في العبودية ، وتعلق القلب بالربوبية ، والتبري من الحول والقوة . قيل له : ما حقيقة التوكل في الأصل ، فقال : حقيقة التوكل في الأصل الإقرار بالتوحيد ، وفي الفرع علم الساعة ، وفي السكون المعاينة . ثم قال : لا تجزعوا من التوكل ، فإنه عيش لأهله . قيل : من أهله؟ قال : الذين خصوا بالخصوصية . فقيل له : لو زدت لنا وضوحاً . فقال سهل : إن العلوم كلها أدنى باب من التعبد ، وجملة التعبد أدنى باب من الورع ، وجملة الزهد أدنى باب من ظهور القدرة ، ولا تظهر القدرة إلاَّ للمتوكل ، وليس للتوكل غاية وصف يوصف به ، ولا حد يضرب له بالأمثال ، ولا غاية ينتهي إليها . فقيل له : صف لنا بعضه . فقال : إن المتوكل له ألف منزل ، أول منزل منه المشي في الهواء . قيل له : بماذا يصل العبد إليه؟ فقال : إن أول الأشياء المعرفة ، ثم الإقرار ، ثم التوحيد ، ثم الإسلام ، ثم الإحسان ، ثم التفويض ، ثم التوكل ، ثم السكون إلى الحقّ جلَّ وعزَّ في جميع الحالات ، وقال : لا يصح التوكل إلاَّ للمتقي . قيل : ما التقوى؟ قال : كف الأذى .

﴿ ٨١