١١٢

قوله : { التائبون العابدون } [ ١١٢ ] قال سهل : ليس شيء في الدنيا من الحقوق أوجب على الخلق من التوبة ، فهي واجبة في كل لمحة ولحظة ، ولا عقوبة عليهم أشد من فقد علم التوبة . فقيل : ما التوبة؟ فقال : أن لا تنسى ذنبك . وقال : أول ما يؤمر به المبتدئ التحويل من الحركات المذمومة إلى الحركات المحمودة ، وهي التوبة؛ ولا تصح له التوبة حتى يلزم نفسه الصمت ، ولا يصح له الصمت حتى يلزم نفسه الخلوة ، ولا تصح له الخلوة إلاَّ بأكل الحلال ، ولا يصح له أكل الحلال إلاَّ بأداء حق اللّه تعالى ، ولا يصح له أداء الحق إلاَّ بحفظ الجوارح والقلب ، ولا يصح له ما وصفنا حتى يستعين باللّه عزَّ وجلَّ على جميعه . فقيل : ما علامة صدق التوبة؟ قال علامتها أن يدع ما له سوى ما ليس له .

وسئل سهل عن الرجل يتوب ويقلع عن ذلك الذنب ، ثم يخطر ذلك بقلبه أو يراه أو يسمع به فيجد حلاوة ذلك الذنب السيء كيف الحيلة فيه؟ فقال : وجدان الحلاوة من الطبع لا يتحول ، فيصير المحبوب مكروهاً؛ ولكن يقهر عزم القلب فيرجع في ذلك إلى اللّه عزَّ وجلَّ ، ويرفع إليه شكواه ، ويلزم نفسه وقلبه الإنكار ولا يفارقه ، فإنه إن غفل عن الإنكار طرفة عين تخوفت عليه أن لا يسلم منه . قال : دعوا القال والقيل كله في هذا الزمان ، عليكم بثلاث : توبوا إلى اللّه عزَّ وجلَّ مما تعرفوه بينكم وبينه ، وأدوا مظالم العباد التي قبلكم ، فإذا أصبحتم فلا تحدثوا أنفسكم بالمساء ، وإذا أمسيتم فلا تحدثوا أنفسكم بالصباح ، لأن الأحداث قد كثرت ، والخطر عظيم ، فاتقوا اللّه ، وألزموا أنفسكم التوبة .

﴿ ١١٢