سورة يونس

٢

قوله تعالى : { وَبَشِّرِ الذين آمنوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ } [ ٢ ] قال : يعني سابقة رحمة أودعها في محمد صلى اللّه عليه وسلم .

٣

قوله : { يُدَبِّرُ الأمر } [ ٣ ] قال : يقضي القضاء وحده ، فيختار للعبد ما هو خير له ، فخيرة اللّه خير له من خيرته لنفسه . وقيل لسهل حين احتُضر : فيما تكفن ، وأين تقبر ، ومن يصلي عليك بعد موتك؟ فقال : أدبر أمري حياً وميتاً ، وقد كفيت عنه بسابق تدبير اللّه تعالى لعبده .

١٢

قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ } [ ١٢ ] قال : الدعاء هو التبري مما سوى اللّه تعالى .

٢٢

قوله : { دَعَوا اللّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } [ ٢٢ ] قال : الإخلاص هو المشاهدة ، وحياة القلب في شيئين ، الإيمان في الأصل والإخلاص في الفرع ، وإن الإخلاص خطر عظيم ، وصاحبه منه على حذر حتى يصل إخلاصه بالموت ، لأن الأعمال بالخواتيم ، { واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين } [ الحجر : ٩٩ ] .

٢٥

قوله تعالى : { واللّه يدعوا إلى دَارِ السلام وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ ٢٥ ] قال : الدعوة عامة والهداية خاصة ، فإنه رد الهداية إلى المشيئة وهي سابقة القدر من اللّه تعالى .

٥١

قوله تعالى : { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } [ ٥١ ] يعني كنتم تستعجلون بالجحود بنا ، وتذكرون غيرنا ، فإذا صرتم إلينا وعاينتم ما وعدناكم من عذابنا آمنتم حين لا ينفع ، فلا بد للخلق كلهم ن الإقرار بالتوحيد في الآخرة عند تجلي حكم الذات ، ونزول الأضداد والأنداد ، والدعاوي بها ، لزوال الشك وخوف العذاب .

٥٨

قوله تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ اللّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } [ ٥٨ ] أي بتوحيده ونبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم كما قال : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : ١٠٧ ] .

٦٢

قوله تعالى : { ألا إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللّه لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ ٦٢ ] قال سهل : هم الذين وصفهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( إذا رؤوا ذكر اللّه ) وهم المجاهدون في اللّه السابقون إليه الذين توالت أفعالهم على الموافقة { أولئك هُمُ المؤمنون حَقّاً } [ الأنفال : ٤ ] وقال : اجتمع الخير كله في هذه الأربعة وبها صاروا أبدالاً : إخماص البطون ، والاعتزال عن الخلق ، وسهر الليل ، والصمت . قيل له : لِمَ سمي الأبدال أبدالاً؟ فقال : لأنهم يبدلون الأحوال ، أخرجوا أبدانهم عن الحيل في سرهم ، ثم لا يزالوان ينقلبون من حال إلى حال ، ومن علم إلى علم ، فهم أبداً في المزيد من العلم فيما بينهم وبين ربهم .

قيل : الأوتاد أفضل أم الأبدال؟ قال : الأوتاد . قيل : وكيف ذلك؟ قال : لأن الأوتاد قد بلغوا وثبتت أركانهم ، والأبدال ينقلبون من حال إلى حال . وقال سهل : لقيت ألفاً وخمسمائة صدّيق ، فمنهم أربعون بديلاً وسبعة أوتاد ، وطريقهم ومذهبهم ما أنا عليه . وكان يقول : أنا حجة اللّه عليكم خاصة ، وعلى الناس عامة . وكان من طريقه وسيرته أنه كان كثير الشكر والذكر ، دائم الصمت والفكر ، قليل الخلاف ، سخي النفس ، قد ساد الناس بحسن الخلق والرحمة والشفقة عليهم والنصيحة لهم ، متمسكاً بالأصل ، عاملاً بالفرع ، قد حشى اللّه قلبه نوراً ، وأنطق لسانه بالحكمة ، وكان من خير الأبدال ، وإن قلنا من الأوتاد فقد كان القطب الذي يدور عليه الرحى ، ولولا أن الصحابة لا يقاس بهم أحد لصحبتهم ورؤيتهم لكان كأحدهم ، عاش حميداً ومات غريباً بالبصرة رحمه اللّه عليه . وقد كان رجل يصحب سهلاً يقال له عبد الرحمن بن أحمد ، فقال يوماً لسهل : يا أبا محمد ، إني ربما أتوضأ للصلاة فيسيل الماء من بين يدي فيصير قضبان ذهب وفضة . فقال سهل : يا حبيبي ، أما علمت أن الصبي إذا بكى يناول خشخاشة حتى يشتغل بها ، فانظر أي شيء هو هذا يعمل . وقال : كان في منزله بيت قال له بيت السباع ، وكانت السباع تجيء سهلاً ، فكان يدخلها ذلك البيت ، ويضيفها فيطعمها اللحم ، ثم يخليها .

١٠٩

قوله : { واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ واصبر } [ ١٠٩ ] قال : أجرى اللّه في الخلق أحكامه ، وأيدهم على اتباعها بفضله وقدرته ، ودلَّهم على رشدهم بقوله :

{ واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ واصبر } [ ١٠٩ ] فالصبر على الاتباع ترك تدبير النفس ، ففيه النجاة عاجلاً من رعونات النفس ، وآجلاً من حياء المخالفة .

﴿ ٠