٦٥

قوله : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السماوات والأرض الغيب إِلاَّ اللّه } [ ٦٥ ] قال : أخفى غيبه عن المخلوقين بجبروته ، ولم يطلع عليه أحداً ، لئلا يأمن أحد من عبيده مكره ، فلا يعلم أحد ما سبق له منه ، فيكون همهم في إبهام العواقب ومجاري السوابق ، لئلا يدعو ما لا يليق بهم من أنواع الدعاوى في المحبة والمعرفة وغير ذلك . قال : كان مائة ألف صديق ظاهرين للخلق ، حتى كان لا يسمع أصوات الميازيب بيت المقدس من المجتهدين بالميل ، فلما ظهر شيئان ، سألوا اللّه تعالى فأماتهم دعوى الحب ودعوى التوكل . فقيل له في القول قول الحارث حيث قال : سهرت ليلي وأظمأت نهاري . فقال : يعني لا حاجة لي إلى الكشف ، لأنه حظ الكفار في الدنيا ، فأنا لا أشاركهم في حظهم ، فلذلك قلت : أنا مؤمن . قيل له : قوم يقولون مثل ما قال الحارث ، فقال : دعواهم باطلة ، وكيف تصح لهم الدعوى ، ولم يدع ذلك أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما ، وكانت شعرة في صدرهما أفضل من الحارث ، وإنما قال ذلك الحارث رضي اللّه عنه لا بنفسه ، وإنما أظهر اللّه ذلك فتنة لمن بعده من المدعين ، فكيف يصح لهؤلاء أن يدعوا ذلك لأنفسهم .

﴿ ٦٥