٨

قوله تعالى : { لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً } [ ٨ ] قال عبد الواحد بن زيد : الصدق الوفاء للّه بالعمل . وسئل سهل عن الصدق فقال : الصدق خوف الخاتمة ، والصبر شاهد الصدق ، وإنما صعب الصدق على الصديقين ، والإخلاص على المخلصين ، والتوبة على التائبين ، لأن هذه التلبية لها حكم بدل الروح . قيل لأحمد بن متى : ما معناه؟ قال : أن لا يبقى للنفس نصيب . وقال سهل : لا يشم أحد رائحة الصدق ما دام يداهن نفسه أو غيره . بل الصدق أن يكون في سره أنه ليس على وجه الأرض أحد طالبه اللّه بالعبودية غيره ، ويكون رجاؤه خوفه ، وخوفه انتقاله ، فإذا رآهم اللّه تعالى على هذه الحالة تولى أمورهم وكفاهم ، فصارت كل شعرة من شعورهم تنطق مع اللّه بالمعرفة ، فيقول اللّه تعالى لهم يوم القيامة : ( لمن عملتم ، ماذا أردتم؟ فيقولون : لك عملنا ، وإياك أردنا . فيقول : صدقتم ) فوعزته فقوله لهم في المشاهدة : ( صدقتم ) ألذ عندهم من نعيم الجنة . فقيل لأحمد بن متى : ما معنى قوله : رجاء الصدق خوفه ، وخوفه انتقاله؟ فقال : لأن الصدق رجاؤهم وطلبهم ، ويخافون في طلبهم أن لا يكونوا صادقين ، فلا يقبل اللّه منهم ، كما قال : { والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } [ المؤمنون : ٦٠ ] أي وجلة في الطاعة خوف الرد عليهم .

﴿ ٨