٤٢

قوله : { اللّه يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا } [ ٤٢ ] قال : إذا توفى اللّه الأنفس أخرج الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف . والتوفي في كتاب اللّه على ثلاثة أوجه : أحدها الموت ، والآخر النوم ، والثالث الرفع . فالموت ما ذكرنا ، والنوم قوله :

{ والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا } [ ٤٢ ] يعني يتوفى التي لم تمت في منامها ، وقال : { وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل } [ الأنعام : ٦٠ ] يعني النوم ، والرفع بعيسى عليه السلام : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [ آل عمران : ٥٥ ] فإنه إذا مات فينزع عنه لطيف نفس الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف الذي به يعقل الأشياء ويرى الرؤيا في الملكوت ، وإذا نام نزع عنه لطيف نفس الطبع الكثيف لا لطيف نفس الروح النوري ، فيستفيق النائم نفساً لطيفاً ، وهو من لطيف نفس الروح الذي إذا زايله لم تكن له حركة ، وكان ميتاً . ولنفس طبع الكثيف لطيفة ، ولنفس الروح لطيفة ، فحياة لطيف نفس الطبع بنور لطيف نفس الروح ، وحياة روح لطيف نفس الروح بالذكر ، كما قال : { أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ آل عمران : ١٦٩ ] أي يرزقون الذكر بما نالوا من لطيف نفس النوري ، وحياة الطبع الكثيف بالأكل والشرب والتمتع ، فمن لم يحسن الإصلاح بين هذين الضدين ، أعني نفس الطبع ونفس الروح حتى يكون عيشهما جميعاً بالذكر والسعي بالذكر ، فليس بعارف في الحقيقة . وقال عمر بن واصل : وكان المبرد النحوي يقول : الروح والنفس شيئان متصلان لا يقوم أحدهما بدون الآخر . قال : فذكرت ذلك لسهل ، فقال : أخطأ ، إن الروح يقوم بلطفه في ذاته بغير نفس الطبع الكثيف ، ألا ترى أن اللّه تعالى خاطب الكل من الذر بنفس روح وفهم عقل وفطنة قلب وعلم لطيف بلا حضور طبع كثيف .

﴿ ٤٢