سورة المنافقين١ قوله تعالى : { واللّه يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ } [ ١ ] قال : لأنهم أقروا بألسنتهم ولم يعرفوا بقلوبهم ، فلذلك سماهم منافقين . ومن عرف بقلبه ، وأقر بلسانه ، ولم يعمل بأركانه ما فرض اللّه عليه من غير عذر ، كان كإبليس لعنه اللّه ، عرفه وأقر به ولم يعمل بأمره . قال : والنفاق على ضربين ، عقد بالقلب وإظهار خلافه باللسان ، كما قال تعالى : { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } [ الفتح : ١١ ] والضرب الآخر نفاق نفس الطبع مع صاحبها ، وهو الذي قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( الشرك الخفي في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ) . ٩ قوله تعالى : { ياأيها الذين آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ } [ ٩ ] عن أداء الفرائض في مواقيتها ، فإن من شغله عن ذكر اللّه وخدمته عرض من عروض الدنيا شيئاً لشهوته ، ووجد في عبادته نشاطاً فهو مخدوع ، إلا الذي يأخذها اللّه عزَّ وجلَّ . وقد حكي أن سلمان دخل عليه سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه يعوده فبكى سلمان فقال : ما يبكيك يا أبا عبداللّه ، توفي سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو عنك راض ، وتلقى أصحابك وترد حوضه . فقال سلمان : أما إني لست أبكي جزعاً على الموت ، ولا حرصاً على الدنيا ، ولكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عهد إلينا عهداً فقال : ( ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب ) ، وحولي هذه الأوساد جمع وسادة وإنما كان حوله لحافه ومطهرته وجفنته . فقال سعد : يا أبا عبد اللّه ، اعهد إلينا عهداً نأخذه بعدك . فقال : يا سعد ، اذكر اللّه تعالى عند همك إذا هممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا أقسمت . واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾