سورة الفلق

١

قوله تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلق } [ ١ ] قال : إن اللّه تعالى أمره في هاتين السورتين بالاعتصام والاستعانة به ، وإظهار الفقر إليه . قيل : ما إظهار الفقر؟ قال : هو الحال بالحال ، لأن الطبع ميت وإظهاره حياته .

وقال : أفضل الطهارة أن يطهر العبد من حوله وقوته ، وكل فعل أو قول لا يقارنه ( لا حول ولا قوة إلا باللّه ) لا يتولاه اللّه عزَّ وجلَّ ، وكل قول لا يقارنه استثناء عوقب عليه ، وإن كان براً ، وكل مصيبة لا يقارنها استرجاع لم يثبت عليها صاحبها يوم القيامة .

قال : والفلق : الصبح عند ابن عباس رضي اللّه عنه ، وهو عند الضحاك : وادٍ في النار ، وعند وهب : بيت في النار ، وعند الحسن : جب في النار .

وقيل : أراد به جميع الخلق ، وقيل : هو الصخور تنفلق عن المياه .

٢

{ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } [ ٢ ] من الإنس والجن ، وذلك أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر النبي صلى اللّه عليه وسلم في بئر بني بياضة ، وكان يسد إليها فاسد إليها فدب فيه السحر ، فاشتد عليه ذلك ، فأنزل اللّه تعالى المعوذتين ، وأخبره جبريل عليه السلام بالسحر ، وأخرج إليها رجلين من أصحابه فأخرجاه من البئر ، وجاءا به إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فجعل يحل عقدة ويقرأ آية ، حتى برئ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعدما ختم السورتين بلا مهلة ، فكان لبيد بعد ذلك يأتي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فما رأى في وجه النبي صلى اللّه عليه وسلم من ذلك شيئاً ، ولا ذاكره ذلك .

٣

{ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } [ ٣ ] يعني إذا دخل الليل . وقيل : إذا اشتدت ظلمته . وقيل : وقوب الليل في النهار أول الليل ترسل فيه عفاريت الجن فلا يشفى مصاب تلك الساعة .

قال سهل : { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } [ ٣ ] باطنها الذكر إذا دخله رؤية النفس ، فستر عن الإخلاص للّه بالذكر فيه .

٤

{ وَمِن شَرِّ النفاثات فِي العقد } [ ٤ ] أي السواحر تنفث في العقد .

٥

{ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } [ ٥ ] يعني اليهود حسدوا النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى سحروه .

وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما : في هذه الآية هو نفس ابن آدم .

واللّه سبحانه وتعالى أعلم .

﴿ ٠